( قصة قصيرة )
بسم الله الرحمن الرحيم
خرج الأستاذ سامح مدرس اللغة العربية من المدرسة، فتناول غداءه فى مطعم قريب ، ثم دخل مسجد سيد الشهداء - الامام الحسين- رضى الله عنه ، بحى الأزهر أقدم أحياء القاهرة،المقرب لقلوب المصريين ، فصلى العصر ،ثم د دخل الى منطقة -الجمالية- الشعبية ، ودلف الى بيت قديم؛ ليعطى فيه درسا خصوصيا للتلميذ خليل ، وهو تلميذه فى المدرسة ، ثم جاءت شقيقة التلميذ خليل ؛ لتقدم لسامح القهوة ، فاذا بها رائعة الجمال ، حسنة المظهر ، ذات عيون زرقاء كالسماء الصافية فى الربيع ، كان لعيونها بريق سحره، وكان شعرها أصفر ذهبى ناعم، وقد تدلت احدى خصلاته الى عيونها فزادتها جاذبية ، ثم انسحبت فى هدوء بعد أن ودعته بابتسامة رقيقة ، وهكذا ظل الأستاذ سامح يوم الثلاثاء من كل أسبوع يعطى تلميذه خليل الدرس ، وتأتى كالمعتاد شقيقته بالقهوة ، ثم بدأ التعارف بينهما ، وقالت بأن تعليمها متوسط ، ولكنها تحب طريقة القائه للشعر فى الحصة ، فهى تسمع الدرس من غرفتها ، فاقتربت المسافة بينهما ، وازداد الاعجاب ، وكلما جاء موعد الدرس ، تدّعى بأن دواء أمهاالمريضة الراقدة فى الفراش قد انتهى ، وترجو الاستاذ بأن يسمح لها بارسال أخيها خليل لشراء الدواء بسرعة ، وطبعا لا يستطيع الاستاذ أن يرفض طلبا انسانيا ، فتنفرد به فى غياب أخيها وتقترب المسافة بينهما أكثر ، وتبدى اعجابها بثقافة خليل ، وأيضا وسامته الظاهرة ، والتى لا يلتفت اليها ، وكلما جاءت بالقهوة لمست أصابعه يديها وهو يتناولها ، قتبتسم له ابتسامة تغريه بمزيد القرب ، لولا تدينه العالى لكان قد تهور ، ولكنه دوما يخاف الله سبحانه وتعالى ، ومرت السنة الدراسية ، وتقرر أن يعقد الامتحان السبت القادم ، وعلى الاستاذ سامح أن يذهب هذه المرة يوم الجمعة بدلا من الثلاثاء ، للمراجعة النهائية ، ولذلك فان سامح قد تحدث الى عائلته ، بالرغبة فى الارتباط والزواج من هذه الفتاة ؛ جميلة الشكل ، رقيقة الطبع و أخذ يعدد مزاياها أمام أسرته ، وأنه سيطلب من الفتاة أن يتزوجها فى الجمعة القادمة ، بعد اعطاء اّخر حصة ، فاذا لم يحدث الزواج ، فلن يدخل بيتهم مرة أخرى ، وبينما سامح فى المدرسة اذا بهاتفه يرن ، وكان المتحدث ابن خالته والذى يسكن فى قرية بعيدة جدا عن القاهرة ، ودعاه ابن خالته لحفل زفافه غدا الجمعة ومعه العائلة ، وهنا وقع سامح فى حيرة ، اذ كيف يحضر حفل الزفاف ، الذى يحتاج أن يسافر غدا من الفجر ، ولا يستطيع الاعتذار ، وفى نفس الوقت موعد الحصة الاّخيرة فى السنة ، وهى حصة مهمة جدا /الى جانب أنه سيطلب الزواج من الفتاة الجميلة شقيقة تلميذه ، فخطرت له فكرة وهى أن يصحب التلميذ معه اليوم الخميس بعد انتهاء المدرسة مباشرة ، ليعطيه الحصة الاّخيرة بدل من غد ، ولم تعرف شقيقة التلميذ بالوعد الجديد ، فهى تستيقظ بعد الظهر ، عند خروج المدرسة ، ودخل الاستاذ منزل تلميذه ، والفتاة مازالت نائمة ، وان صوت المذياع عند الجيران عالى جدا ، مما أيقظ الفتاة متضايقة فصبت جام غضبها على الجيران ، وأخذت تكيل لهم كل الألفاظ النابية والتى تخدش الحياء ، ولاتدرى أن سامح يسمع صوتها العالى ، وهو فى ذهول من فتاته الرقيقة ، ثم أرادت أن تذهب للحمام لتغسل وجهها ، وعبرت الصالة لتجد سامح أمامها ، فوجمت من هول المفاجأة ، أما هو فلم يجد لها عيون زرقاء بل كانت عدسات لاصقة ، وشعرهاالحقيقى كان خشنا جدا حيث كان ما يراه باروكة شعر مستعار ، فالاّن يراها على حقيقتها بدون زيف ، وكانت الصدمة كبيرة فى الجمال الشكلى ، ولكن سامح تحامل على نفسه ، وقد حمد ربه على أن هذه هى الحصة الاّخيرة ، وبدأ يفكر فى معنى الجمال الحقيقى ، وهو أن يجد امرأة جميلة الخلق والروح ، بدون أى قناع ، حتى أذن لصلاة العصر فدخل المسجد الحسينى ، يصلى ويبتهل بالدعاء أن يجد من تكون صادقة ، وتعينه على دينه . منقول